مقالات

د. أحلام ناصر تكتب: رحلة حزن بلا نهاية لها

أخبار الأردن-نبراس نيوز- بقلم د. أحلام ناصر.. في لحظة مؤلمة من تاريخ اللاجئ الفلسطيني، يصطدم بمرارة الحنين ومرارة الفقد. يجلس أمام شاشة التلفزيون في بلاد اللجوء، عيناه موجودتان هنا، وقلبه هناك، في أرض الوطن التي يتوسل الحنين إليها بكل نبضة منه.

يشهد المغترب الفلسطيني على معاناة أهله ووطنه، حيث تراق الدماء وتتجلى المأساة في صور تتسلل إلى عمق روحه. يعيش في عالمين متناقضين، يواجه في بلاد اللجوء تحديات الاندماج والحياة الجديدة، بينما يحمل في داخله وطناً يعاني تحت وطأة الاحتلال.

معاناة اللاجئين الفلسطينيين تمثل قصة حزن وتحديات متواصلة، خاصة عندما يكونون شهودًا على ما يجري على أرض فلسطين تحت الاحتلال. يعيش الكثيرون منهم في مخيمات للاجئين، حيث يواجهون ظروفًا صعبة ومحدودة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.

في حين أنهم بعيدين جغرافيًا عن الأرض التي فقدوها، يظلون متابعين حثيثين للأحداث عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. يشعر اللاجئون الفلسطينيون بالعجز عن القيام بأي تأثير مباشر على ما يحدث في وطنهم. يتألمون لفقدانهم للوطن ولحقوقهم، وفي الوقت نفسه، يعيشون في حالة من القلق المستمر تجاه مصير عائلاتهم وأحبائهم الذين لا يزالون في فلسطين.

بصفة دائمة، يشاهدون التصعيد العسكري والتدابير القمعية من قبل الاحتلال، وهم غير قادرين على المشاركة بشكل فعّال في صياغة مستقبل بلدهم. تعتبر هذه التجارب القاسية والمريرة حقيقة للكثير من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من عدم الاستقرار والفقر، مع الإحساس بفقدان الهوية والانتماء الوطني.

عندما يشاهد المغترب صورجنود الاحتلال يطاردون أحبائه، يصبح القهر والدموع همسات يتردد صداها في كل زاوية من روحه. يعاني من العجز القاتل، حيث يعجزعن تقديم المساعدة أو حتى توفير الدعم العاطفي. يتساءل بحزن، “كيف يمكن للمسافة أن تفصلني عن الوطن وأحبائي؟
معاناة اللاجئ الفلسطيني تتعاظم بفقدان أحبائه دون أن يتسنى له المشاركة في المراسم الأساسية لدفنهم وتلقي المواساة بوفاتهم، وذلك نتيجة للظروف الصعبة التي تفرضها سياسات الاحتلال. يجد اللاجئ نفسه عالقًا في حالة من العجز والفقدان، حيث قد يكون من الصعب بالنسبة له الوصول إلى أرض الوطن ليشارك في اللحظات الأخيرة لأحد أفراد عائلته.

تواجه العائلات الفلسطينية في ظل الاحتلال تحديات إضافية، حيث يمكن أن يكون الوصول إلى المقابر والمشاركة في مراسم الدفن معقدًا بشكل كبير. قد يفرض الاحتلال قيودًا على حركة السكان، مما يجعل الرحيل والعودة للمشاركة في هذه اللحظات الحزينة أمرًا شديد الصعوبة.

هذا الوضع يزيد من تعقيدات الحزن والفقدان للأفراد الذين يعانون ليس فقط من غياب أحبائهم بل ومن العجز عن توديعهم بالطريقة المناسبة في ظروف أكثر استقرارًا. يشكل هذا الجانب من تجربة اللاجئين الفلسطينيين إحدى مظاهر الألم والتحديات التي تفرضها الاوضاع السياسية والاجتماعية الصعبة.

اللاجىء الفلسطيني يكون شاهدًا على الظلم والظروف الصعبة، ولكن يبقى قلبه متصلاً بأرضه، محملاً بأمل عندما يفتقد الأمل. يتحدى تحديات البُعد ويعيش بذاكرة مؤلمة، ولكنه يؤمن بأن يوماً ما سيتلاشى الألم، وتعود الحقوق إلى واجهة الحياه والى اصحابها.

تنتظر معاناة اللاجئ الفلسطيني نهاية عادلة، ويتحقق ذلك عندما يحصل الاجيئ على حقوقه الإنسانية الأساسية في العيش بسلام على أرضه وفي حضن عائلته. حق اللاجئين الفلسطينيين في العيش بسلام على أرضهم يعتبر أمرًا أساسيًا مدعومًا بالعديد من الإطارات القانونية الدولية وحقوق الإنسان. تركز هذه الاطرعلى اهمية منح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم الإنسان الأساسية التي يجب حمايتها وتعزيزها بما يتفق مع الالتزامات المجتمعة على مستوى العالم وكما يلي:

1. القانون الدولي لحقوق الإنسان:
حق اللاجئين الفلسطينيين في العيش بسلام يستند إلى مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان. تنص العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق اللاجئين، على حق الفرد في اللجوء والعيش بسلام.
2. قرارات الأمم المتحدة:
قد اتخذت الأمم المتحدة عدة قرارات تؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى منازلهم وعيش حياة طبيعية. قرار 194 للجمعية العامة يؤكيد على حق اللاجئين في العودة وتعويضهم عن فقدان ممتلكاتهم.
3. اتفاقية جنيف لحماية المدنيين في وقت الحرب:
تلتزم الأطراف المتورطة في النزاع بموجب اتفاقية جنيف بحماية المدنيين، ويُعتبر اللاجئون الفلسطينيون من المدنيين الذين يحظون كلاجئون بحق العيش بسلام وحماية من التهجير القسري.
4. قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة:
قد أكدت قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة على حق اللاجئين الفلسطينيين في العيش بسلام وأمان. تعزز هذه القرارات التزام المجتمع الدولي بتحقيق العدالة وحقوق الإنسان.
5. الدور الإنساني والإغاثي:
يشدد على أهمية توفير الدعم الإنساني والإغاثي لللاجئين الفلسطينيين لضمان حقهم في العيش بسلام. تلعب المنظمات الإنسانية دورًا حيويًا في تحقيق هذا الهدف ودعم احتياجات اللاجئين.

ختامًا:
يمثل هذا الرحيل المؤلم عن الوطن وتبعياته معاناة اللاجئين الفلسطينيين، ولكن يمكن أن يأتي الفرج عندما يُحقق المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية تحركات فعّالة للتصدي للظلم والاضطهاد الذي يتعرضون له. يكمن الحل في إيجاد حل سياسي عادل ودائم للقضية الفلسطينية يسترد للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية والإنسانية، ويضمن للجميع العيش بأمان وكرامة. عندما يتم تحقيق هذا الهدف، سيكون لديهم الفرصة للعيش في وطنهم وضمن مؤسسة اسرهم والاندماج في مجتمعهم بحرية، وستنتهي معاناتهم الطويلة ويتمتعون بحقوقهم الأساسية كبشر يعيشون بكرامة وأمان.

يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، العمل بجدية لضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والعيش بسلام على أرضهم. هذا الالتزام يعزز العدالة الاجتماعية ويسهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وفي العالم بأسره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى