سماء الأردن تشهد ذروة زخات شهب البرشاويات الليلة

أخبار الاردن-نبراس نيوز-تشهد سماء المملكة والمنطقة ذروة زخات شهب البرشاويات، اعتبارا من الليلة ولغاية صباح غد الأربعاء، وهي ظاهرة فلكية سنوية تنجم عن مرور الأرض عبر بقايا مخلفات مذنب سويفت-تتل ، الذي يكمل مداره حول الشمس كل 133 عامًا.
وعلى الرغم من ظروف الرصد الصعبة هذا العام؛ بسبب اقتران الذروة بوجود القمر شبه البدر، واستمرار تأثير الغبار والغيوم، إلا أن خبراء الفلك يؤكدون،أهمية هذه الظاهرة المستمرة التي تزيّن سماء الصيف، وتُعد من أبرز الزخات السنوية التي تتميز بسطوعها وتنوع أحجام جسيماتها، مع دعوة للمراقبة من مواقع مناسبة بعيدًا عن أضواء المدن.
مدير الشؤون العلمية والتدريب في المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء لغرب آسيا، الدكتور حنا صابات، قال: ستبلغ زخة شهب البرشاويات للعام الحالي ذروتها ما بين ليلة 12 وليلة 13 آب.
ولفت إلى أنه من المتوقع أن نشاهد ما بين 50 و75 شهابًا في الساعة في الظروف الرصدية المثالية عند ذروة نشاطها، مع أن هذا المعدل يعتمد بشكل كبير على موقع الراصد وخط عرضه ووقت رصده.
وأضاف: لكن القمر الليلة قد تجاوز طور البدر، ودخل في مرحلة الأحدب المتناقص عند ذروة نشاط زخة شهب البرشاويات، ما سيُقلل بشكل ملحوظ من إمكانية رؤية هذه الشهب بصريا. وستكون هذه الزخة موجودة أيضًا، وإن كانت أقل نشاطًا، خلال الأيام القليلة التي تسبق ذروة النشاط والتي تليها، بحسب صابات.
وأضاف: تنجم معظم زخات الشهب عن مخلفات المذنبات وأحيانا عن مخلفات الكويكبات، تحديدا تلك الأجرام التي تتقاطع مداراتها تقريبا مع مدار الأرض.
وتابع صابات: حين تدخل الأرض ضمن المنطقة المدارية التي توجد بها تلك المخلفات (والتي قد لا يزيد حجم الواحد منها عن حبة الحمص)، فإن الأخيرة تدخل الغلاف الجوي الأرضي بسرع هائلة، وتحتك بالغازات الموجودة فيه، وتسخن وتحترق وتتلاشى، لكنها في نفس الوقت تسبب تأينا لهذه الغازات، والتي تترجم كخط لامع في السماء لا يلبث أن يتلاشى، وهو ما يدعى بالشهاب.
وقال: بما أن هذه المخلفات تأتي من نطاق مداري واحد، فإن الراصد الأرضي يرى هذه الشهب على شكل زخات تنبع من نقطة واحدة على القبة السماوية، وتحمل زخة الشهب تسمية المجموعة السماوية التي تنبع منها، فزخة شهب البرشاويات تنبع من مجموعة برشاوس وزخة شهب الأسديات من مجموعة الأسد وهكذا .
وأشار إلى أن زخة شب البرشاويات تنجم عن مخلفات المذنب سويفت-تاتل، الذي يدور حول الشمس مرة كل 133 سنة، وكان آخر اقتراب له من النظام الشمسي الداخلي عام 1992.
وقال صابات: إن رصد زخات الشهب له أهمية علمية خاصة، إذ أنه يزود العلماء بمعلومات عن مدارات المذنبات والكويكبات وآليات تشكل هذه الأجرام السماوية، وكذلك حول مكونات الغلاف الجوي الأرضي الذي يتفاعل مع مخلفات هذه الأجرام. وكذلك، يمكن الاستفادة من تأين هواء الغلاف الجوي الناجم عن زخات الشهب القوية في عكس الأمواج الراديوية وبالتالي في الاتصالات الراديوية.
رئيس الجمعية الفلكية الأردنية، الدكتور عمار السكجي، قال: تشهد السماء ذروة زخات شهب البرشاويات Perseids في يومي الثلاثاء والأربعاء 12 13 آب.
ولفت إلى أن هناك فرق بين الزمن الدوري للمذنب وتقاطع مدار الأرض مع مخلفاته والتي تحدث سنويا، وعند تقاطع مدار الأرض مع هذه البقايا، تصطدم الجسيمات بالغلاف الجوي الأرضي بسرعة هائلة، فتؤين جزيئاته وتنتج أضواءً لامعة تُعرف بالشهب، ويستمر موسم هذه الزخات عادة من 17 تموز حتى 24 آب.
وأضاف: يبلغ المعدل النظري لعدد الشهب في ذروة البرشاويات نحو 100 شهاب في الساعة (ZHR) في حالة الظروف المثالية، ويكون مركز الإشعاع في كوكبة برشاوس (حامل رأس الغول) في أعلى السماء، لكن هذا العام، تزامنت الذروة مع وجود القمر شبه البدر ، إضافةً إلى ارتفاع نسبة الغبار العالق في الجو بكثافة، ما يؤدي إلى تراجع كبير في فرص الرصد لهذه الشهب في ذروتها.
ووفقًا للإحداثيات الفلكية لموقع الأردن، فإن مركز الإشعاع يصل إلى أعلى ارتفاعه بعد منتصف الليل، وبشكل عام، تُرى الشهب بالعين المجردة في الجهة الشمالية الشرقية من الأفق، لكن يُنصح بالنظر في جميع الاتجاهات، مع الاستلقاء على الأرض ومراقبة السماء بصبر.
ويُذكر أن ما نشهده هو زخات شهب وليس عاصفة شهب ، إذ إن الأخيرة تكون أكثر كثافة بكثير، بحسب السكجي.
وأشار إلى أن أحجام جسيمات البرشاويات تتنوع بين حبيبات الرمل الصغيرة وأجسام بحجم حبة الفاصولياء، حيث تتحول الأكبر حجمًا إلى كرات نارية زاهية الألوان تمتد لثوانٍ، وتدخل الغلاف الجوي بسرعة تتجاوز 216 ألف كيلومتر في الساعة، ما يرفع حرارتها إلى نحو 1650 درجة مئوية، قبل أن تحترق على ارتفاع 70 100 كم.
وبين أن البرشاويات تعد من أكثر زخات الشهب سطوعًا وإثارة، وهي آمنة تمامًا، إذ تحترق معظم الجسيمات في الفضاء قبل وصولها إلى الأرض، وليس لها أي خطورة.
أما مذنب سوفت-تيوتل، المسؤول عن هذه الظاهرة، فقد كان آخر مرور له في الحضيض الشمسي بتاريخ 11 كانون الأول 1992، بينما سيكون مروره التالي في 26 آذار 2126. ويبتعد المذنب عن الأرض نحو 42.7 وحدة فلكية (6.4 مليار كيلومتر) من الأرض، ويتطلب رصده تلسكوبات كبيرة، ويتميّز هذا المذنب بمداره شديد الاستطالة (الاختلاف المركزي 0.9866)، ما يجعله موضوعًا مهمًا للدراسات النظرية والفلكية التي تحتاج إلى خوارزميات حسابية دقيقة، بحسب السكجي.
أستاذ الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء بجامعة البلقاء التطبيقية، الدكتور علي الطعاني، قال: ستشهد سماء الأردن والدول العربية ذروة تساقط شهب البرشاويات بدءًا من منتصف ليلة الثلاثاء 12 آب وحتى قبيل فجر الأربعاء 13 آب، لن تكون ظروف الرصد مثالية بسبب وجود القمر في طور الأحدب المتناقص بنسبة إضاءة تصل إلى نحو 84 بالمئة، مما يزيد من سطوع السماء، ويحد من رؤية الشهب الخافتة وتأثر السماء بالغيوم والغبار.
وبين الطعاني أن شهب البرشاويات تعد من أبرز الزخات السنوية وأكثرها غزارة، إذ يمكن في السماء المظلمة الخالية من ضوء القمر مشاهدة نحو 75 100 شهاب في الساعة.
وتابع: أما هذا العام، ومع تأثير القمر وظروف الطقس، فمن المتوقع أن يقتصر العدد على 10 20 شهابًا في الساعة، أي بمعدل شهاب واحد تقريبًا كل 5 دقائق، مع بقاء فرصة لرؤية مشاهد مميزة.
وقال الطعاني: تنشأ هذه الظاهرة عندما تمرّ الأرض عبر البقايا الغبارية التي يخلّفها المذنب سويفت-تتل .
ويبدو أن الشهب تنطلق من نقطة محددة تُعرف بـ نقطة الإشعاع في كوكبة برشاوش (حامل رأس الغول) الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية بالقرب من شكل حرف W الذي ترسمه نجوم كوكبة ذات الكرسي.
وأضاف: يمتد حزام الغبار الذي يتركه المذنب على نطاق واسع، وتبقى الأرض داخله من 17 تموز حتى 24 آب تقريبًا، حيث ترتفع معدلات الشهب تدريجيًا حتى تبلغ ذروتها بين 12 و13 آب، ثم تنخفض بعد ذلك.
يدور المذنب حول الشمس مرة كل نحو 133 عامًا، وكان آخر مرور له عام 1992، ما أدى إلى زخات غنية في السنوات التالية رغم تراجع الكثافة تدريجيًا، وفقا للطعاني.
وأشار الطعاني إلى أنه للاستمتاع بالمشاهدة، يُنصح بالابتعاد عن أضواء المدن، واختيار موقع مفتوح، ومنح العينين 20 دقيقة للتأقلم مع الظلام.
تبدأ الشهب بالظهور بعد الساعة العاشرة مساءً، وتزداد أعدادها بعد منتصف الليل، مع أفضل وقت للرصد قرابة الخامسة صباح يوم غدا الأربعاء بالتوقيت المحلي.
بترا