الأب عماد الطوال يكتب : البابا لاون الرابع عشر …. رؤية جديدة للتربية في عصر التغيير
أخبار الاردن-نبراس نيوز- كتب الاب عماد الطوال- في وقت يتسارع فيه إيقاع التكنولوجيا وتتغير فيه ملامح التعليم بشكل جذري يتطلع العالم إلى قادة يتمتعون برؤية واضحة وقدرة على توجيه الأجيال نحو مستقبل أكثر إشراقًا، البابا لاون الرابع عشر الذي تم انتخابه في مايو 2025 يجمع في شخصه بين العقلانية الأكاديمية والإيمان الروحي وهو مزيج نادر يجعله صوتًا قويًا في مجال التربية.
البابا ليس فقط رجل دين بل هو أيضًا عالم ومعلم فقد حصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات من جامعة فيلانوفا ثم تابع دراساته اللاهوتية والقانونية في روما وشيكاغو هذه الخلفية العلمية المتينة تعكس اهتمامه العميق بالتعليم كمحور أساسي لبناء المجتمعات وتهيئة الأجيال لمواجهة تحديات المستقبل:
التعليم: يرى البابا لاون الرابع عشر أن التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة بل هو عملية تكوين شاملة للعقل والروح معًا، في عالم يواجه فيه الشباب تحديات غير مسبوقة مثل تقدم التكنولوجيا والصراعات الاجتماعية يحتاج التعليم إلى أن يكون أكثر من مجرد دروس داخل الغرف الصفية إنه يحتاج إلى أن يكون وسيلة لتعزيز القيم الإنسانية مثل الرحمة والعدالة والاحترام المتبادل يقول البابا لاون الرابع عشر “الذكاء الاصطناعي يطرح تحديات جديدة لكرامة الإنسان والعدالة” من هنا يؤكد البابا على أن التعليم يجب أن يكون وسيلة لمواجهة هذه التحديات بروح الإيمان والعقل وأن التكنولوجيا يجب ألا تطغى على القيم الإنسانية بل تدعمها.
التكنولوجيا والتعليم: في خطابه الأول بعد انتخابه شدد البابا على ضرورة إيجاد توازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على الكرامة الإنسانية يقول “يجب على الكنيسة أن تقدم تعليمها الاجتماعي لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي تمامًا كما واجه البابا لاون الثالث عشر تحديات الثورة الصناعية” هذا الموقف يؤكد على رؤية البابا التي ترى في التعليم وسيلة لتحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والالتزام بالقيم الأساسية.
التربية الأسرية: إلى جانب التعليم الأكاديمي يولي البابا لاون الرابع عشر أهمية خاصة لدور الأسرة في تكوين الأطفال والشباب، ففي عام 2024 عندما كان لا يزال كاردينالًا قام بمنح سر التثبيت المقدس لمجموعة من الطلاب حيث تفاعل مع كل طالب بشكل فردي مقدمًا كلمات تشجيعية ومباركات خاصة لكل عائلة هذا التوجه يعكس إيمانه بأن التربية تبدأ في البيت وأن الأسرة هي المدرسة الأولى للأخلاق والإيمان.
التعليم الشامل : خلال خدمته في بيرو لم يكتفِ البابا لاون الرابع عشر بنقل المعرفة اللاهوتية بل سعى إلى فهم ثقافات الطلاب وتحدياتهم بشكل مباشر وتعلم إحدى لغات السكان الأصليين ليتواصل بشكل فعال مع المجتمعات المحلية، هذا الانفتاح الثقافي يعكس رؤيته بأن التعليم يجب أن يكون متاحًا للجميع بغض النظر عن الخلفية الثقافية أو حتى اللغة، في مقابلة مع البابا لاون عام 2023 قال “نحن غالبًا منشغلون بتعليم العقيدة لكننا نخاطر بنسيان أن مهمتنا الأولى هي تعليم ما يعنيه معرفة يسوع المسيح.”
في عالم يواجه تحديات متزايدة على جميع الأصعدة يحمل البابا لاون الرابع عشر رؤية تعليمية شاملة تعزز من قيم الحوار والشمولية وتواجه التحديات التكنولوجية بروح الإيمان والعقل، التعليم بالنسبة له ليس مجرد نقل للمعرفة بل هو بناء للضمير والروح وجسر نحو السلام والعدالة، من خلال هذه الرؤية يبدو أن البابا لاون الرابع عشر يقدم نموذجًا جديدًا للنهضة التعليمية التي تتوازن بين العلم والإيمان وتستجيب لتحديات العصر بمرونة وثقة.
