عندما طرد القذافي 30 ألف فلسطيني !

أخبار الاردن-نبراس نيوز- منقول- في عام 1993، وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقًا مع الاhتلال الإسرائيلي سُمِّي باتفاق أوسلو، نصّ على الاعتراف المتبادل وبدء ترتيبات مرحلية لإقامة سلطة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غzة. لكن الاتفاق أثار غضبًا واسعًا في العالم العربي، إذ رآه كثيرون تفريطًا في الثوابت الفلسطينية، وعلى رأسها حق العودة، واعترافًا بإسرائيل دون الحصول على مقابل حقيقي.
من أبرز من عبّر عن رفضه للاتفاق كان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، الذي اعتبر أوسلو خيانة وجريمة سياسية. وفي رد فعل انتقامي، قرر القذافي طرد الفلسطينيين من ليبيا سنة 1995، في رسالة غضب موجهة ضد ياسر عرفات والمنظمة. قُدّر عدد من طُردوا بأكثر من ثلاثين ألف فلسطيني، وتم نقل بعضهم قسرًا إلى الحدود المصرية، حيث عاشوا في ظروف مأساوية داخل الصحراء، دون مأوى أو طعام، في مأساة إنسانية ما زال صداها قائمًا.
لم يكن قرار الطرد ناتجًا فقط عن الغضب من القيادة الفلسطينية، بل جاء في سياق رؤية القذافي لخطورة ما أسماه “مشروع التوطين”، الذي كان يعتقد أن إسرائيل تسعى من خلاله إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها ودمجهم في النسيج السكاني للدول العربية، بحيث تضيع القضية وتُمحى معالمها تدريجيًا.
وقد صرّح القذافي في أكثر من مناسبة أنه على كل فلسطيني الشتات أن يعودوا الى أرضهم، لأن إسرائيل تهدف إلى ترحيل وتوطين نحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في الدول العربية، وفق توزيع يجعل من عودتهم أمرًا مستحيلًا. وكان يرى أن اتفاق أوسلو قد فتح الباب أمام هذه الخطة، عبر إسقاط حق العودة عمليًا.
وسنة 1998 تدخل الراحل القذافي شخصيا عبر قناة الجزيرة وقدم تصوره لخطة التوطين وسط تنمر كبير قابلته به النخب العربية، وقال بالحرف الواحد إن عددا من الدول العربية سترغم على استضافة وتجنيس اللاجئين الفلسطينيين وستكون الخطة حسبه موزعة كالتالي:
– الأردن: ستستضيف أكبر عدد من الفلسطينيين، إذ يتجاوز عددهم 2.2 مليون لاجئ مُسجل، والكثير منهم مقيم ويحمل الجنسية الأردنية.
– لبنان:يوجد فيه حوالي 475 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأونروا، يعيشون في ظروف قاسية داخل المخيمات، دون حقوق مدنية أو اقتصادية كاملة، ومطلوب تجنيسهم وتسوية وضعيتهم الادارية.
– سوريا:قبل الأزمة السورية، كان فيها نحو 560 ألف لاجئ فلسطيني، يعيشون في وضع قانوني جيد نسبيًا، لكن أوضاعهم ساءت بعد الثورة وتعقدت بعد سقوط نظام الاسد.
– العراق:احتضن قرابة 40 ألف فلسطيني، لكن بعد 2003 تعرضوا للاستهداف والتهجير.
– مصر:ستكون هي قاعدة التوطين الأساسية التي تستوعب العدد الأكبر من المهجرين خاصة من غزة، يضافون الى ما يوجد بها بين 70 إلى 100 ألف فلسطيني، سنوات التسعينات يعيش أغلبهم دون اعتراف رسمي كلاجئين، ولا يحصلون على حقوق لجوء كاملة.
– دول الخليج: خصوصًا الكويت والسعودية وقطر، تستضيف عشرات الآلاف من الفلسطينيين، في الغالب كعمالة وافدة لا تحمل صفة لاجئ، لكنهم في خطة التوطين مطالبون باستيعاب أعداد أكبر وتجنيسهم خاصة المملكة العربية السعودية.
– ليبيا: قبل الطرد، كانت تستضيف أكثر من 30 ألف فلسطيني.
هذا التوزيع، برأي القذافي، ليس عشوائيًا، بل هو جزء من سياسة دولية تسعى إلى إذابة الفلسطينيين داخل المجتمعات العربية، ومنعهم من التمسك بهويتهم الوطنية وحقهم في العودة. ولذلك كان يعتبر أن التصدي لخطة التوطين لا يكون فقط برفع الشعارات، بل بمنع ذوبان الفلسطيني في أي وطن بديل، ولو كان الثمن سياسيًا أو شعبيًا.
رغم الانتقادات الشديدة التي وُجهت للقذافي حينها بسبب قسوة قراره بطرد الفلسطينيين وتشريد عائلاتهم، ومعاقبة لاجئين عزل لا ذنب لهم في جرم أوسلو، فإن تحذيراته من التوطين ظلت محل سخرية وتنمر، الى أن أخذت الخطة بحذافيرها في التجلي بعد طوفان الأقصى قبل نحو سنتين، لتصل هذه الأيام الى ذروتها.
ليستفيق المتنمرون على القذافي على صدى صوته مرة أخرى، وهو يقول للقادة العرب بعد إعدام الشهيد صدام حسين ليلة عيد الأضحى .. جاي عليكم الدور واحد واحد .