مقالات

كاتيا عباسي تكتب: صباح الوطن الجميل..

أخبار الأردن-نبراس نيوز- بقلم كاتيا عباسي.. أذكر جيداً على مدار 12 سنةً دراسية و 5 أخرى جامعية كانت فيروز رفيق الدرب الصباحي، الجزء الأساسي من الصباح الاردني، تمثل طقساً صباحياً موحداً وطناً بأكمله وبجميع أطيافه، كأن كل الأردنيين اتفقوا على الأقل ان يكون الصباح بينهم مشترك. في حينه كنت أتذمر وأتململ وأدخل مجادلات وحوارات كانت في أغلبها خاسرة، مع جميع الذين كانوا جزءاً أساسياً في الرحلة الصباحية وأصحاب قرار الصباح الفيروزي بإمتياز.

الذي حيرني وبشدة في حينه أنها نفس الأغاني ونفس الكلمات ونفس الألحان ونفس الصباح بإختلاف عامل الطقس فقط والأزمة المرورية التي لا يمكن التنبىء المسبق بها. شادي ما زال مفقوداً والفصول الأربعة أصبحت فصلين لا اكتر، ومن حينه حتى اليوم ما زالت فيروز تنتظر المرسال جالسةً حزينة على ذلك المعقد المهترىء في تلك المحطة، وريما لديها مشاكل بالنوم من الصغر ولم تكبر بعد وآخر أيام الصيفية كانت الغيوم زرقاء والسيارة معطلة وهي وحيدة تمامًا ومعرضة دومًا للانتقاد، وحبيب القلب ليس له أثر، بإلإضافة إلى وطن مهزوم وضائع وأمة مشردة في المهجر تنتظر يوم العودة العظيم.

الخوف والأمل والحنين والوطن الضائع والحب المفقود، ملخص المشاعر التي تعبر عنها فيروزيات الصباح. جرعة الاكتئاب الصباحية على مدار 17 عاماً حيرتني وأتعبتني نفسياً، لأنه في حينه كان الواحد مفعم بالأمل والتفاؤل مصدقاً ومؤمناً أن القادم أجمل وأنه الجيل الصاعد صاحب راية التغيير.

وبعد عدة سنوات وأنت تجد نفسك مكانك سر والحياة الوردية تلونت بألوان أكثر دكانة والنفسية المتخبطة والشعور بالضياع، ومع نكهة القمع والفوقية وتكميم الأفواه والحرية المزيفة والليبرالية التي برأيي اسم مش على مسمى والشعور بالظلم وانعدام العدالة الاجتماعية وحتى الفشل بأن تكون بقرب الحبيب، وفي تلك اللحظة التي تصل فيها إلى القاع وينعدم معك الأمل وتنضم الى طابور بدنا نآكل عيشْ وبس، حينها تفهم لماذا الصباح فيروزي وبامتياز.

ذاك الصباح الفيرزوي مميز ببساطة لأنه يضع يده على جرح المعاناة، فلن تفهم الجرح إلا إذا كنت صاحبهُ. يصبح الوطن ملجىء بفقره وغناه وبصير بدّي ارجع بنت صغيرة على سطح الجيران وينساني الزمان. وأضحي أبحث عن طير الوروار بلكي سلملي على الحبايب ويخبرني بحالن شو صار، وكم أشتاق لنسيمِ صيفٍ يأخذني لبلادي لكن شو بدنا بالبلاد الله يخلي الولاد.

وكما يقال بتعيش كثير بتشوف كثير، مع الوقت تصبح أكثر واقعية وأقل انفعالاً واندفاعاً، وتأخذ وقتاً كافياً قبل التهور بأخذ أي قرار وتحسب عواقب تصرفاتك وهل أنت مستعد لدفع ثمن موقفك وحمل الخسارة!! نعم نتغير، وتغيرنا الحياة والألم الذي نشعر به عند كل خسارة يتراكم حتى تفقد الإحساس بالحياة.

ومع كل الخسائر التي أحملها وبفخر وبكل المواقف التي آخذها وأدفع ثمنها ومع كل الآلام الذي يجب أن أتعايش معها، لن أتنازل عن حقي بأن أقول رأيي بكل وضوح وصراحة وإن كانت حرية الرأي كذبة العالم الحديث إلا أن عهد الجواري والعبيد لم ينتهي ولن ينتهي طالما هناك من يتنازل عن كرامته ووطنه ومبدأه من أجل مصلحته شخصية.

فكفى أن نصنع فراعنة فقط لأنها ترمي لنا الفتات، هذا الوطن باقٍ سواء رضي من رضي وغضب من غضب، فأنت يا أردن في حجم بعض الورد إلا أنه لك شوكةٌ ردت إلى الشرق الصبا (سعيد عقل).

فلنزرع أملاً حقيقاً لأجيال قادمة ونورثها عزة وكرامة وعهدًا بأن القدس كانت وستبقى حرة عربية أبية وأننا لن ندخل التاريخ من أوسع أبواب الخيانة وأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة (محمود درويش)، ففي كل مرة نرى الظلم ولا نحرك ساكناً، فنحن نربي أنفسنا على الرضوخ (جوليان أسانج).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى