مقالات

سارة السهيل تكتب: فستان المرأة هاجس الإعلام

أخبار الأردن-نبراس نيوز- بقلم سارة السهيل.. شيء غريب جداً من طفولتنا تقريباً كل شيء تغيّر، حيث غادرنا معاني الرقي والوقار، ومعاني جمال الروح، فكنّا نتذوق الجمال في كل شيء خلقه المولى عز وجل بفطرة ذكية نقية وعذبة المشارب الوجدانية والروحية والعقلية ايضاً عندما نرى لوحة لفنان أبدع لوحة الطفل الباكي أو الفلاحة وهي تحمل فوق رأسها غذاء زوجها الى الحقل.

هذا الجمال الخلاب والطبيعي استبدل بما هو مزيّف وأصبح التركيز على شيء واحد هو المرأة.

وإبراز جمالها ومفاتنها الأنثوية بشكل صارخ عاري تماماً عن الاحتشام. فصانعو الدراما ومنتجو الاعلانات ومعدو البرامج التلفزيونية ومنتجو الافلام والمسلسلات الدرامية، وحتى معدو الندوات السياسية الاقتصادية، كلهم جميعاً بلا استنثاء يتعمدون في الترويج لبضاعتهم ونشر أفكارهم وجذب الجمهور المستهدف لهذه البضاعة الفكرية أو الفنية أو السياسية على تعرية المرأة. لاشك أنها ظاهرة تحتاج دراسة لفهم لماذا يزج بالمرأة على هذا النحو من الابتذال.

فمثلا نرى فيلماً أو مسلسلاً مصحوباً بدعاية أو أغنية، أو دعاية لسمنة، فما هو دخل دخل السمنة بعري المرأة ما ربط الطعام و المطبخ بمحاكاة الغرائز الغير نظيفة ؟ وما دخل السيارة بسيقان المرأة فما الداعي لترويج منتج صناعي بأقدام إنسانة؟ وما الرابط بين أكاديمية تعليمية و بعدسات زرقاء لعارضة أزياء؟ لماذا تجري محاولات تأنيث بل تعرية كل شيء، حتى لو في بلاد الغرب او بلاد متفتحه؟

والحقيقة أنا لا استفسر عن هذه النقطة فقط من باب ديني و أخلاقي، بل أريد فهمه من باب المنطق و الفلسفه. ولماذا أصبحت المراة رخيصة هكذا بقبول مجرد ترويج وإثارة أنظار التجار في شتّى صنوف التجارة، وكيف لها قبول هذا المنطق؟

وبعيداً عن هذه النقطة أريد أن أفهم السبب ما الرابط بين مؤتمر سياسي و فتيات تستقبل الناس بفساتين السهرة العارية؟ أو مشهد حزين مثلاً في مسلسل لازم نرى ملابس قصيرة و الكاميرا تأخذ لقطة الملابس ! مطربات و مطربين مشاهد الاغنية إحداهن تتدحرج على الرمال بملابس الحمام و أخرى يتم تصويرها بما لا يليق و لا يمكنني التوسع بالكلام فهمكم كفاية.

أمور كثيرة جداً غير مفهومة بربط كل شي بسيقان النساء، فمنذ ألقت العولمة بظلالها على شعوب العالم، وعملت على تغيير ثقافتها وعاداتها التاريخية، عمدت بعض الدول الغربية الى توظيف المرأة الاجنبية و العربية في الاعلانات التجارية تحقيقاً لمكاسب اقتصادية وتسويقية، عبر الاستغلال الجسدي للمراة. ولأن كل شئ بات يباع ويشترى الفكر والسياسة والقانون وحقوق الشعوب، فلا أسهل من استخدام خدعة قديمة وهي المرأة وانوثتها في تحقيق مآرب ابليس التجارية.

فتقديم المرأة كسلعة للإغراء والترويج دون التركيز على جوهرها وانسانيتها يتنافى مع حقوق الانسان بالكلية، ويجر المرأة من عفافها واحترامها لنفسها، بل انها بتعريتها بهذه الملابس الصارخة تدفع المراهقات الى تقليدها وبالضرورة يفسد المجتمع وتنتشر فيه أمراض التحرش والاغتصاب وغياب الأمن والأمان و فقد قيمة الاسرة و الزواج و انتشار الامراض النفسية.

فاستغلال جسد المرأة كإغراء لشد الانتباه هدف الى تحريك نزعة الاستهلاك وخاصة في منتجات التجميل. ولعل قولبة صورة المرأة كوسيلة دعائية تجارية للمواد الغذائية أو مواد التجميل وآخر صيحات الموضة وأفلام ودراما الإثارة عمل على تشويه صورة المرأة وتعزز من دونيتها للاسف الشديد.

انني أناشد وزراء الثقافة و الاعلام و التربية و التعليم و الاوقاف و وزارات الشباب لكسر تلك الايدي التي تجبر أو تروّج لأصحاب الرايات البيضاء في إعلامنا المرئي و الإلكتروني و المسموع و حتى المقروء ، و نزع تلك الرايات البيضاء من أيدي الإعلام و الفن و الثقافة و السياسة و الأدب و التجارة وكل المجالات و استبدالها برايات نصر المرأة على تسفيهها و تحجيمها و ترخيصها بهذا الشكل المعين.

فأين دور الرقابة و النقاد ؟

فالأمر ليس اختياري لأن لا جمالية في هذا الأمر المُضر نفسياً و سلوكياً و صحيّاً و أخلاقياً اضافة الى تدمير نصف المجتمع الذي هو المرأة بعدم إعطائها قيمتها الحقيقية البعيدة عن هويتها الوحيدة المستخدمة في وسائل الاعلام و الاتصال حالياً ألا و هي الهوية الأنثوية.

فأين هويتها الثقافية و الفكرية و العلمية و التربوية؟ ودورها الحقيقي كالملكة زنوبيا و السيدة مريم العذراء و السيدة خديجة و حتشبسوت و بلقيس و كيلوبترا و نفرتيتي و الملكة سميراميس و الملكة زكوتو.

انني لا أملك سوى التوجّه الى المرأة ذاتها كي تصون كرامتها وتحفظ قيمتها من غوايات ابليس فقيمتك عالية  لا ترخصيه بدافع من جلب المال أو تحقيق شهرة زائفة.

أنا لست متزمته بالعكس فأنا وسطية و أؤمن بحرية المرأة بالفكر و العمل و المشاركة العامة و ارتداء ملابس وسطية كما رأيناها في أفلام أبيض و أسود شياكة و أناقة و رقي و في ذات الوقت دون ابتذال.

فحريّة المرأة ليست ملابس مبتذلة و دعايات رخيصة، حريّة المرأة في انها تكون متساوية مع الرجل في الحقوق والواجبات، صاحبة رأي و فكر و تأثير.

و ليست دمية استعراض و أكرر انني لست ضد تزيّن المرأة فهذه فطرة و إنما ضد استخدامها كتجارة و سلعة و إنزالها من عرش الملكة الى مروّج لسلعه يملكها رجل لماذا لا تكون المرأة هي صاحبة وكالة السيارات فلماذا تكون هي دعاية للسيارة.

لماذا لا تكون المرأة صاحبة مصنع السمنة و الزيت و السكر؟ لماذا تكون مجرد مروج لسلعة و منتجات؟

نداء الى جماعة حقوق الانسان و خاصة حقوق المرأة بعضكم دافع عن حقوق هامّة للمرأة و بعضكم لم ينسى حتى المطالبة بأمور أخرى غير طبيعية مثل الترويج لأنواع الشذوذ و الخروج عن المألوف مما دمّر النسيج الاجتماعي و فكك الاسرة لكنكم نسيتم أهم نقطه من الأجدر أن تدافعوا عنها و هي قيمة المرأة و كيانها و حثّها على معرفة قيمتها الحقيقية بأن ترفض أن تكون مجرد أداة أو وسيلة لكسب المال من الاجساد الغير ثمينة.

فأنتِ يا حواء أغلى من أن تكوني مروّج للسلع، بتعليمك و خروجك لسوق العمل الى جانب الرجل فليكن طموحك أن تكوني صاحبة أعمال و مشاريع اقتصادية و تجارية و فكرية و تربوية وسياسية وتطوعية وانسانية كل واحدة في مجالها و موهبتها.

اخرجي من هذا الاطار الضيق المظلم الذي هو سجن لطموحاتك الكبيرة فالحرية ليست بالابتذال.

فكم كانت جميلة فاتن حمامة و هي راقية ومحتشمة و أم كلثوم ونازك الملائكة وفدوى طوقان وهدى شعراوي وصبيحة الشيخ داؤد القاضية العراقية وصاحبة كتاب (أول الطريق الى النهضة النسوية الحديثة) ونزيهة الدليمي أول وزيرة في العراق الحديث، التشكيلية وداد الأورفلي، والجزائرية جميلة بوحيرد، والمغربيه فاطمة الفهرية التي أسست أول جامعة في العالم، وفيروز اللبنانية التي غنّت بحنجرتها لا بفستانها، واميلي بشارات رئيسة اول اتحاد نسائي تأسس في الاردن عام 1945.

كونوا رائدات وصانعات أمجاد و (اتركوا الرجل هو يعمل الدعايات و نقلب الكفة عليهم).

(الدستور)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى