مقالات

القس سامر عازر يكتب: ابتكار ما هو جديد وما هو أفضل .. رؤية ملكية

أخبار الأردن-نبراس نيوز- بقلم القس سامر عازر .. لم يعد ممكنا البقاء على ما تعودنا عليه أو مجردَ إعادة بنائه من جديد، لأنّنا أمام مرحلة جديدة في تاريخ البشرية تتطلب من الجميع ومن كل دول العالم “ابتكار ما هو جديد وما هو أفضل”* كما جاء في مقالة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم في صحيفة الواشنطن بوست اليوم الثلاثاء 28/4/2020.

فرغم المساوئ الكثيرة التي جلبها فيروس كورونا إلى أنه مشكوراً كشفَ وعرَّى عيوبَ النظام العالمي الحالي . وهذا ما سلَّطَ عليه الضوء صاحبُ الجلالةِ في مقالته عن عيوب النظام العالمي الحالي، والتي نشأت نتيجة الظلم الإجتماعي، والتفاوت في الدخل والفقر وسوء الحوكمة.

لذلك، فالجرس الآن قد علّق، فالعالمَ اليوم باتجاه نمط جديد ونظام عالمي جديد لم يعد يحتمل القديم، لأنَّ التكامل والتعاونَ والعملَ المشترك هو مفتاح السير إلى الأمام، وليس التنافس والتباعد والاقصاء والفردانية والعنجهية. والآن هو وقت العمل بسياسة التقارب، على العكس تماماً من سياسة التباعد الاجتماعي في زمن الكورونا الذي نمرّ به حاليها تفاديا للمزيد من إنتشار هذا الفيروس الفتاك.

فشكراً لكورونا، التي رغم آثارها الكارثية على العالم أجمع اقتصادياً واجتماعياً، فقد نبهتنا إلى أنَّ نجاحَنا اليوم ليس منفردين ومتباعدين، بل متحدين ومتشاركين، ومتبادلين خبراتنا وقدراتنا وطاقاتنا ومواردنا لمواجهة النقص الحاد في الموارد الطبيبعية الضرورية للبقاء والحياة والتطور والإرتقاء. ولا بد من السعي ليس “لتفكيك العولمة” بل “لضبط” ايقاعها، كما باستشراف صاحب الجلالة المعظّم، لتصبَّ هذه المرة في صالح كلِّ البلدان ولمنفعة كلِ الشعوب، ولبناء القدرات الذاتية، والتغلب عن مشاكل الفقر والبطالة وبناء شبكات الإمان الإجتماعية والصحية!

لذلك، نحن مدعوون أيضاً كمجتمع مدني أنْ نُجدولَ أولوياتِنا، وأن نعيدَ حساباتِنا، وأن نتحول من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع انتاجي، وأن نخرج من مفهوم الدولة الريعية إلى مشاريع الريادة والابتكار، فنفكرَ جِدِّياً في كيفية المساهمة في بناء مجتمع إنساني معتمد على ذاته وقدراته وانتاجه، وليس فقط انتظار ما ينقَّطُ في حلوقنا من قطرات الوجود والبقاء، فنحن خلقنا كبشر لنحيا لا لنوجد فقط، خلقنا ليس للعبور فقط بل للبناء والإنجاز وترك البصمات.

والسؤال، هل تنصبُّ أولويات مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والمؤسسات الدينية في أعمال التنمية والتطوير والنهضة؟ إنَّ مسؤوليتَنا أكبر بكثير من دَورِنَا التقليدي الذي ربما تعودنا عليه، فلا يجوز أن نخيط ثوباً جديداً برقعة قديمة، بل علينا أنْ نعيدَ إنتاجَ ذواتِنا لنحوِّل التحديات إلى فرص للنجاح، ولكي ما نساهمَ، كما برؤى وتطلعات صاحب الجلالة، في إعادة تشكيل المؤسسات الدولية وبناء مؤسسات جديدة إينما دعت الحاجة من أجل سلامة كل البشرية وضمانة استمراريتها.

فبشريتنا لا تستقيم بغير عدالة وكرامة ومساواة، ودورنا جميعاً أن نساهم في تغيير وجه عالمنا لعالمٍ أكثرَ إنسانية وأقلَ وحشية، وليرى العالم كيف ينفق أمواَله على  لخدمةِ البشرية بدلاً من انفاقها  في السباق نحو التسلح والحروب. فماذا لو أُنفقت دول العالم مجتمعة الـ 2 تريليون دولار في العام 2019 على مشاريع التنمية والتطوير في العالم بدلاً من انفاقها على التسلح؟ أظن لن يبقى فقيراً واحداً بيننا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى