الاستقلال 78.. الأردن شامخاً صامداً

أخبار الأردن-نبراس نيوز- تمثل ذكرى الاستقلال فرصة للتأمل في مسيرة المملكة الأردنية الهاشمية والوقوف على العلامات المضيئة في تاريخ البلاد منذ تحقيقها الاستقلال عن بريطانيا بعد نضال خاضه الملك المؤسس ومعه جموع الأردنيين ليعلن السيادة الكاملة للدولة الأردنية، لتكون بلداً مؤسساً في جامعة الدول العربية، وتبدأ في مرحلة مبكرة دعم جهود الأشقاء العرب في تحقيق الاستقلال تباعاً وصولاً إلى نهاية حقبة الاستعمار في المنطقة العربية مع مطلع السبعينات من القرن الماضي.
بقي الأردن يشكّل النموذج الذي يثير الاهتمام والإعجاب لما حققه من قدرة على الثبات في وجه أعتى العواصف الدولية والإقليمية، فهو بلدٌ تعرّض ملكه الباني الحسين بن طلال للاستهداف مرات كثيرة، فكان يخرج كل مرة أقوى وأكثر إصراراً على استكمال جهود البناء والتنمية، وكان تسامحه يسبق الجميع ليشكل أعلى درجات التسامي والترفّع عن الصغائر، وشهدت الأردن اغتيال رئيسين للحكومة، بجانب الحروب المتتابعة والاضطرابات الداخلية، وبقي على الرغم من ذلك كله، شامخاً وصامداً.
أخذ الأردنيون يؤدون رسالتهم في العالم العربي كله، ويتحولون إلى سفراء لبلدهم في العالم بأسره، بما يحوزونه من ثقة في وطنهم وفي أنفسهم لما تلقوه من تأهيل وتعزيز في بلد يعلي من قيمة الإنسان، وكانت للأردن ريادته في العديد من المجالات، وهو ما كان مصدراً للفخر والاعتزاز لدى الأردنيين وللدهشة والحيرة لدى المراقبين والمتابعين نظراً لمحدودية الموارد الطبيعية، وتزاحم الأزمات الإقليمية.
وبقي الأردن يواجه بصموده الذي نشأ من تلك العلاقة العميقة بين القيادة والشعب مما جعلها صفّاً متراصّاً في مواجهة التحديات والمحن، فكان جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يعبر بالبلاد أزمات متلاحقة أدت إلى انهيارات سياسية واجتماعية في دول عربية أخرى، وتمكّن جلالته من قيادة البلاد بحكمة وحنكة على المستوى الاقتصادي بعد الأزمة المالية العالمية وتداعيات «الربيع العربي» وأزمة وباء كورونا، كما تمكّن من قيادة حرب ضروس على الإرهاب ليجعل الأردنيين بمأمن من العصابات الإرهابية التي توسّعت وتفشّت في المنطقة المحيطة بالأردن وفرضت سلوكها الظلامي والوحشي على الملايين من الضحايا، ويواصل الملك قيادة الأردن وجيشه في حرب واسعة ومعقدة ضد عصابات تهريب المخدرات التي تصاعدت لتصبح خطراً إقليميّاً نوعيّاً ومركبّاً.
كل هذه التحديات والأزمات لم تحرّك الأردن عن مواقفه ومسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية بما يُسهم في دعم حقوق الفلسطينيين في العيش بأمن وكرامة على أرضهم، وتفويت الفرصة على المحاولات المشبوهة لتمرير تسوية للقضية على حساب الأردن ومصالحه.
عيد الاستقلال نحتفل به وعيوننا تتطلّع باعتزاز وثقة إلى القائد والمؤسسات الوطنية ولجموع المواطنين الذين جعلوا الأردن حصناً منيعاً يمضي في طريقه بإيمان وثبات.