حرب التويوتا.. فرنسا في مواجهة القذافي!
اخبار الاردن-نبراس نيوز-هاجمت فرنسا قاعدة وادي دوم الليبية بشمال تشاد في 16 فبراير 1986، بعد انهيار اتفاق كان أبرم في عام 1984 بين الرئيس الفرنسي حينها فرانسوا ميتران والزعيم الليبي معمر القذافي.
قضى ذلك الاتفاق الذي وقع بجزيرة كريت بسحب كلا البلدين قواتهما من تشاد، فيما كانت باريس قد حظرت قبل ذلك على القوات الجوية الليبية اجتياز خط العرض 15 بوسط تشاد.
ليبيا كانت ضمت قطاع “أوزو” الحدودي مع تشاد إلى أراضيها رسميا في عام 1976، وانخرطت في العام التالي في الصراع الداخلي التشادي والحرب الأهلية هناك حتى عام 1987. تلك الحرب الطويلة أطلق عليها في إحدى مراحلها اسم “حرب التيويوتا”، بسبب انتشار استعمال سيارات دفع رباعي مسلحة من هذا الطراز.
في 10 فبراير عام 1986 ويعد فترة طويلة من الهدوء النسبي، استأنفت جبهة “فرولينا” بقيادة كوكوني عويدي والمدعومة بالقوات الليبية عملياتها ضد القوات حكومة الرئيس حسين حبري المدعومة من فرنسا جنوب خط العرض 16، وتعرضت العاصمة انجامينا لخطر السقوط مجددا.
الحكومة الفرنسية اتهمت القذافي بانتهاك اتفاق كريت وقررت معاقبته على ذلك، وأطلقت عملية عسكرية جديدة أطلق عليها اسم “الباشق” ليلة 13 – 14 فبراير 1986.
في 16 فبراير عام 1986 أسقطت 8 طائرات جاغوار فرنسية 40 قنبلة على قاعدة “وادي دوم” الليبية الاستراتيجية بشمال تشاد، وردت قاذفة قنابل ليبية بعيدة المدى من طراز “تو 22 بي” بغارة على مطار انجامينا حيث تتمركز القوات الفرنسية، وبعد أن أسقطت قنابلها أصيبت بصاروخ من طراز “هوك ” وتحطمت، فيما عادت قاذفة ليبية مماثلة إلى قاعدتها بعد محاولة قيل إنها فاشلة لقصف مواقع فرنسية في مدينة “أبشي” بشرق البلاد.
سارعت فرنسا إلى إرسال تعزيزات إلى قواتها في تشاد ضمت عملية “الباشق”، تضمنت 200 جندي إضافي، و6طائرات حربية “ميراج – 1” ، و4 “جاغوار”، وبطارية من أنظمة الصواريخ الفرنسية قصيرة المدى المضادة للطائرات “كروتال”، وبطارية دفاع جوي أمريكية الصنع من طراز “هوك.
في خريف عام 1986 انفجر صراع مسلح في معسكر حلفاء الليبيين بجبهة “فرولينا” بين مفارز المجلس الديمقراطي الثوري بقيادة الشيخ بن عمر سعيد، ومفارز كوكي عويدي ودخل الطرفان في مواجهات عسكرية دامية فيما وقف الجيش الليبي إلى جانب قوات المجلس الديمقراطي الثوري.
استغلت فرنسا الوضع وزادت من دعمها لقوات الرئيس التشادي حسين حبري تسليحا وتدريبا، وزادت من تعزيز قواتها البرية والجوية، وارسلت إلى هناك أيضا سريتين من المظليين التابعين للفيلق الأجنبي.
حاولت القوات الجوية الليبية وقف الهجمات البرية بشن غارات على قواعد فرنسية في “أراد” و”أم شعلوبة”، وردت القوات الجوية الفرنسية بالهجوم مجددا على قاعدة وادي دوم الجوية، وقامت طائرات ليبية لأول مرة بالهجوم على قاعدة ” كاليه” الفرنسية الرئيسة في تشاد.
في نهاية مارس عام 1987 انطلق رتلان من الدبابات الليبية من “وادي دوم ” في اتجاه مدينة “فادا” لاستعادتها، إلا أن القوات الحكومية التشادية بقيادة حسن جاموس وإدريس ديبي صد الهجوم، ثم اندفع يطارد القوات الليبية حتى الحدود وتمكن من السيطرة على قاعدتها الرئيسة في “فايا لارجو” بعد معركة عنيفة، ولاحقا تقدمت في 8 أغسطس من نفس العام أرتال من القوات التشادية واستولت على واحة “أوزو” بمشاركة مباشرة من قوات المظليين الفرنسية.
بعد مرور 3 أسابيع، شنت القوات الليبية البرية المدعومة بالعربات المدرعة هجوما خاطفا على واحة “أوزو”، وتمكنت من هزيمة القوات الحومية التشادية.
وحدث حينها ما لم يتوقعه أحد.. تسللت قوات تشادية إلى داخل الأراضي الليبية أوائل سبتمبر عام 1987 وهاجمت قاعدة “معطن السارة” الجوية على بعد حوالي 100 كيلو متر من الحدود، ونجحت القوات المهاجمة في تدمير 22 طائرة حربية ليبية بينها 4 طائرات “ميراج”.
القوات الجوية الليبية حاولت بعد فوات الأوان تعقب القوات التشادية في طريق عودتها إلى تشاد، وتمكنت من تدمير بعض العربات المدرعة، فيما نجح القسم الأكبر في العودة إلى وقاعده.
قررت طرابلس إغلاق الملف التشادي، ووقعت مع انجامينا في 11 سبتمبر عام 1987 اتفاقا لوقف إطلاق النار بوساطة منظمة الوحدة الإفريقية في ذلك الوقت، كما استأنفت ليبيا علاقاتها الدبلوماسية مع تشاد في أكتوبر عام 1988.
نفذ القائد العام للجيش التشادي جسن جاموس بالاشتراك مع وزير الدفاع حينها إدريس ديبي محاولة انقلاب في أبريل عام 1989 للإطاحة بالرئيس حسين حبري، إلا أن المحاولة فشلت وتم إعدام حسن جاموس فيما هرب ديبي إلى السودان وقام لاحقا بإعادة تنظيم قواته وتمكن من الدخول إلى العاصمة انجامينا بدعم من ليبيا والسودان في 1 ديسمبر عام 1990 ، ووقفت حينها فرنسا على الحياد.
أغلق الملف التشادي وانتهت حقبة التدخلات العسكرية الليبية في تشاد عمليا في عام 1994، بإصدار محكمة التحكيم الدولية قرارا بشأن النزاع حول قطاع أوزو لصالح تشاد. طرابلس اعترفت في ذلك الوقت بالقرار وانسحبت من المنطقة.
المصدر: RT