أخبار الأردن-نبراس نيوز- أعلنت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية النتائج والتوصيات التي توافقت عليها وشملت مسودتي مشروعي قانونين جديدين للانتخاب والأحزاب السياسية، والتعديلات الدستورية المتصلة حكماً بالقانونين وآليات العمل النيابي، إضافة إلى التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.
وتضمن التقرير الذي تسلمه جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم الأحد، الوثيقة المرجعية والرؤية الوطنية لتحديث المنظومة السياسية، والملخص التنفيذي والتفصيلي لنتائج أعمال اللجنة الملكية وآثارها المتوقعة.
ووضع التقرير ملامح التدرج للوصول إلى النموذج الديمقراطي الأردني، للانتقال عبر مراحل زمنية في تطوير التشريعات والبنى المؤسسية والممارسات وصولا إلى النضوج الديمقراطي، استنادا إلى الرسالة الملكية والأوراق النقاشية الملكية.
وتضمنت الورقة المرجعية في التقرير مجموعة من المنطلقات والشروط التي توافقت عليها اللجنة في التوصيات، والتي تشكل مجتمعة البيئة الحاضنة لبناء النموذج الديمقراطي الأردني المطلوب، وهي تحديث وطني شامل ومتكامل يشتمل على التحديث والتطوير الاقتصادي، والتحديث والتطوير الإداري والقضائي، وصولاً إلى تحديث المجتمع في أنساقه الثقافية والاجتماعية المتعددة.
ووضعت اللجنة الشمولية والتكامل في التحديث السياسي بدائرتين أساسيتين؛ تتمثل الأولى في البيئة الداخلية للتحديث السياسي بما تنطوي عليه من تحولات وعمليات تمس التشريعات وبنى المؤسسات وما يتصل بها من حريات عامة ومنظومة حقوق الإنسان، أما الدائرة الثانية فهي البيئة العامة الأشمل التي تعنى بالتحديث الاقتصادي والتحديث الإداري والقضائي وصولا إلى تحديث المجتمع.
وأشارت اللجنة إلى أن النموذج الديمقراطي يجب أن يكون “ديمقراطية تناسب الأردنيين”، فلا توجد دولة تشبه دولة أخرى في مسارها التاريخي نحو الديمقراطية.
وأكدت اللجنة في توصياتها أن الهوية الوطنية التي تدمج الجميع وينتمي إليها الجميع، أحد الشروط الأساسية لبناء النموذج الديمقراطي الوطني، وهي هوية مركزية جامعة تلفظ الهويات الفرعية وتحتفي بالثقافات الفرعية للمجتمعات المحلية وللمدن والقرى والجماعات، والهوية القوية المتماسكة هي إثراء حقيقي للنموذج الديمقراطي الوطني.
كما أكدت أن منظومة التحديث السياسي تعد فرصة حقيقية لإنضاج مسارات سيادة القانون على مستوى مؤسسات إنفاذ القانون والمؤسسات الرقابية وعلى مستوى المجتمع والأفراد أيضا، كما أن ترسيخ سيادة القانون يقف على رأس مبادئ إنضاج التحديث السياسي، فلا يمكن تصور ديمقراطية راشدة من دون سيادة القانون.
وأشارت اللجنة إلى أن الديمقراطية عملية تحول اجتماعي وثقافي في الأصل، تحتاج إلى تعلم وغرس ثقافي يتم بالممارسة ومن خلال مؤسسات التنشئة معا، وهذا الأمر يستدعي النظر إلى مشروع الإدارة المحلية الذي سيتدرج إلى مفهوم الحكم المحلي على أنه اللبنة الأولى في النموذج الديمقراطي الوطني الأردني، والأساس القوي الذي يحتاج إلى رعاية وتطوير يضاهيان ما تحتاجه مرافق الديمقراطية الأخرى.
ووفقاً للورقة المرجعية في تقرير اللجنة، فإن إنضاج النموذج الديمقراطي يتطلب وجود إعلام حر مسؤول يجعل مهمة النقاش الوطني ميسرة.
ووضعت اللجنة مجموعة من الأولويات العاجلة لمنظومة نزاهة وطنية قوية ومستقلة، تضمن توسيع المشاركة أو بناء مؤسسات سياسية قوية، وبناء وتعزيز الثقة العامة بين المواطنين وسلطات الدولة ومؤسساتها.
وترى اللجنة أن الأردن في هذه المرحلة بحاجة إلى تطوير منظور وطني جديد لتنمية المحافظات والأقاليم قادر على إعادة تأهيل القدرات التوزيعية للدولة بعدالة، ويضمن كفاءة إدارة الموارد المحلية والوطنية، ويقود إلى عملية تغير ثقافي واجتماعي في محافظات المملكة كافة نحو الإنتاج والاندماج في المفاهيم والحلول الاقتصادية الحديثة، وإعادة اكتشاف الفرص التنموية واستثمارها في القطاعات الواعدة، الأمر الذي يسهم في الحد من البطالة والفقر في تلك المحافظات والتحول الإنتاجي المطلوب.
وشددت اللجنة في تقريرها على أهمية حماية الاستقرار واستدامته، وأن النموذج الديمقراطي الأردني يجب أن يجعل حماية الاستقرار واستدامته أحد عناوينه الأساسية، إذ إن الدروس المستفادة من تجربة العقدين الأخيرين تؤكد الحاجة إلى بناء علاقة تكاملية بين النموذج الديمقراطي والأولويات الأمنية الوطنية، فقد حافظ الأردن على استقراره الداخلي وأمن حدوده في ثلاث أزمات تاريخية كبرى عصفت بالمنطقة في هذه المرحلة، إذ عملت قيم النظام السياسي الأردني واحتراف القوات المسلحة والمؤسسة الأمنية على عبور هذه المرحلة بسلامة.
* مشروع قانون الانتخاب:
اعتمد نظام انتخابي مختلط يشتمل على مستويين من التمثيل؛ الأول وطني ويسمى: الدائرة العامة، والثاني محلي ويسمى: الدوائر المحلية. وتقسم المملكة إلى 18 دائرة انتخابية محلية ودائرة عامة واحدة، ويتشكل مجلس النواب من 138 مقعدا.
تكون الدائرة العامة أو القوائم الوطنية محصورة بالأحزاب السياسية، ويخصص لها 41 مقعدا، وتعتمد نظام القوائم النسبية المغلقة مع وجود نسبة حسم (عتبة) مقدارها 2.5% من مجموع المقترعين على مستوى الدائرة الانتخابية العامة. كما يخصص ضمن الدائرة الانتخابية العامة مقعدان على الأقل للمسيحيين، ومقعد واحد على الأقل للشركس والشيشان. ولتعزيز إشراك الشباب والمرأة في الحياة السياسية، خفض القانون سن الترشح إلى 25 عاما، ونص على أن تلتزم القائمة بوجود شاب (أو شابة) على الأقل بعمر لا يتجاوز 35 عاما، ترتيبه (أو ترتيبها) ضمن المترشحين الخمسة الأوائل، وأن تلتزم القائمة المترشحة على مستوى الدائرة العامة بوجود امرأة مترشحة واحدة على الأقل ترتيبها ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل، ووجود امرأة مترشحة واحدة على الأقل ترتيبها ضمن المترشحين الثلاثة التالين.
ولضمان التمثيل العادل، اشترط القانون على القائمة المترشحة على الدائرة العامة وجود مترشحين فيها موزعين على نصف الدوائر الانتخابية المحلية على مستوى المملكة.
وستسهم الدائرة العامة في تعزير الهوية الوطنية وتطوير سياقات اجتماعية وسياسية جمعية يلتف حولها الأردنيون والأردنيات من مختلف المناطق. كما ستوفر الدائرة العامة فرصة كبرة للأحزاب السياسية على التطور على أساس برامجي والانتقال بالحياة السياسية إلى مرحلة جديدة.
أما بالنسبة للدوائر المحلية، فتشمل ثلاث دوائر لمحافظة العاصمة، ودائرتين لمحافظة إربد، ودائرة انتخابية لكل محافظة من بقية محافظات المملكة، وثلاث دوائر للبدو، إلا أنه يجوز لأبناء وبنات البادية الأردنية الترشح خارج الدوائر المحلية المخصصة لهم، كما يجوز لأي من المترشحين من الدوائر المحلية الأخرى الترشح في دوائر البادية، ويبقى سجل الناخبين لدوائر البادية مغلقا.
يخصص في الدوائر المحلية 7 مقاعد على الأقل للمسيحيين، ومقعدان على الأقل للشركس والشيشان. كما تتضمن قائمة المترشحين على الدائرة المحلية عددا من المترشحين لا يزيد على عدد المقاعد المخصص للدائرة الانتخابية، ولا يقل عن مترشحين اثنين، مع وجود نسبة حسم (عتبة) مقدارها 7% من مجموع المقترعين على مستوى الدائرة الانتخابية. كما تمت زيادة المرأة بواقع مقعد لكل دائرة. وعلى المترشحين للمقاعد المخصصة للنساء أو للمسيحيين أو للشركس والشيشان في الدوائر المحلية اختيار مسار الترشح الذي يرغبون به (الكوتا أو التنافس الحر)، ويكون التنافس والفوز على المسار الذي اختاره المترشح للترشح.
ولم يشترط القانون على موظفي القطاع العام المترشحين للانتخابات تقديم استقالاتهم، واكتفى بتقديمهم إجازة من دون راتب قبل 90 يوما من موعد الاقتراع، الأمر الذي يسهم في تعزيز حق الترشح وتسهيله من دون فقدان الحقوق والمكتسبات الأخرى، وتحديدا لدى فئات مثل الشباب والمرأة والأكاديميين.
وتضمن القانون عقوبات تطال من يرتكب جرائم الانتخابات، ونص على تطوير إجراءات التقاضي فيها. وألزم القانون الهيئة المستقلة للانتخاب بتوفير شاشة إلكترونية متاحة للمواطنين عبر موقعها الإلكتروني، تبث من خلالها إجراءات تجميع النتائج بشكل مستمر. وحدد القانون سقف الإنفاق على الدعاية الانتخابية في جميع الدوائر الانتخابية، واعتمد القانون عنوان سكن الناخب الدائم لتحديد دائرته الانتخابية، ما يعزز عملية المشاركة السياسية والتماسك المجتمعي ويحد من الارتباط بالهويات الفرعية.
واشتمل القانون على أحكام عامة للمجلسين النيابيين الحادي والعشرين والثاني والعشرين، لزيادة نسبة المقاعد الحزبية بشكل تدريجي.
*مشروع قانون الأحزاب السياسية :
يهدف مشروع القانون إلى تمكين الأحزاب السياسية من المشاركة في الحياة السياسية والعمل العام بطرق سلمية ديمقراطية لغايات مشروعة ومن خلال خوض الانتخابات بأنواعها، للوصول إلى البرلمان ببرامج قابلة للتطبيق وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها وفقا للمادة (35) من الدستور. كما قام القانون بتحفيز المواطنين والمواطنات على تشكيل أحزاب سياسية برامجية، والمشاركة فيها بحرية وفاعلية، لتوسيع تمثيل الأحزاب السياسية للمجتمع الأردني.
وعزز مشروع القانون الدور السياسي للمرأة والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة الحزبية والعامة، وسهل مهمة الأحزاب السياسية في تأهيل القيادات السياسية الكفؤة وخاصة الشابة منها، القادرة على التعامل مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتولي المناصب الحكومية، والالتزام بآليات العمل النيابي الناجح.
كما مكن القانون الأحزاب السياسية من المشاركة في الانتخابات بأنواعها شتى، عبر تجويد برامجها واستقطاب الناخبين والمؤيدين لها، ومساعدتها على الانخراط بقضايا الشأن العام والمساهمة بوضع حلول لها، للوصول إلى مجلس نواب عاده الكتل البرلمانية الحزبية الفاعلة.
ونص القانون على أن لا يقل عدد المتقدمين لتأسيس الحزب عن ثلاثمئة عضو، كما منح القانون الأحزاب السياسية فرصة لتنمية المشاركة الأفقية على مستوى المحافظات، والاجتماعية على مستوى الشباب والمرأة، لحين عقد المؤتمر التأسيسي للحزب خلال مدة زمنية لا تتجاوز سنة، شريطة ألا يقل عدد الأعضاء المؤسسين للحزب تحت التأسيس عند انعقاد المؤتمر التأسيسي عن ألف شخص، وأن يكون المؤسسون من سكان ست محافظات على الأقل، مع مراعاة ألا يقل عددهم عن 30 شخصا من كل محافظة. كما اشترط القانون ألا تقل نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة عن20% من عدد المؤسسين، وأن لا تقل نسبة المرأة عن 20% من عدد المؤسسين، وأن يكون من بين المؤسسين واحد على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى أن يكون عدد المؤسسين الحاضرين في المؤتمر التأسيسي ما لا يقل عن أغلبية أعضائه المؤسسين. وكفل القانون عدم جواز التعرض لأي مواطن أو مساءلته أو محاسبته أو المساس بحقوقه الدستورية أو القانونية بسبب انتمائه الحزبي، كما منح الحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي الأعضاء في الحزب في ممارسة جميع الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات من دون أي تضييق أو مساس بحقوقهم، على أن يصدر نظام خاص لتنظيم هذه الأنشطة.
وأنشأ القانون دائرة تسمى »سجل الأحزاب «في الهيئة المستقلة للانتخاب، لتحقيق المزيد من الشفافية والاستقلالية بما يخص شؤون الأحزاب، وذلك من خلال إناطة صلاحية الموافقة على طلبات تأسيس الحزب وفقا لأحكام قانون الأحزاب السياسية، ومتابعة شؤون الأحزاب، والتأكد من تطبيقها للقانون ولأنظمتها الأساسية، إلى جهة محايدة ومستقلة، ولضمان استقلالها التام عن الحكومات.
كما أجاز القانون للحزب إقامة علاقات سياسية مع أحزاب أخرى داخلية أو خارجية أو مع اتحادات أحزاب سياسية دولية، وذلك ضمن إطار المصلحة الوطنية والسياسية العامة للدولة ومع الالتزام بأحكام الدستور والقانون، وعلى ألا تشكل تلك العلاقة ارتباطا تنظيميا للحزب بتلك الأحزاب أو الاتحادات.
وحول التمكين المالي للأحزاب، يتمتع الحزب بعد الإعلان عن تأسيسه بشخصية اعتبارية، ويحق له تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة اللازمة لتمكينه من القيام بمهامه وبأي تصرفات أخرى وفقا لأحكام القانون بالإضافة إلى إعفاء مقار الحزب من جميع الضرائب والرسوم الحكومية التي تترتب على الأموال غير المنقولة.
كما اعتبر القانون أن التبرعات والهبات المقدمة للحزب بمثابة النفقات القابلة للتنزيل من الأموال الخاضعة لضريبة الدخل على الشركات والأفراد وفقا لأحكام قانون ضريبة الدخل، ويخصص بند في الموازنة العامة للدولة للمساهمة في دعم الأحزاب من أموال الخزينة، وتحدد شروط تقديم الدعم ومقداره وأوجه وإجراءات صرفه بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.
وبهدف تشجيع العمل الديموقراطي داخل الأحزاب وفي ما بينها، نص القانون أنه لا يجوز للأمين العام للحزب شغل هذا الموقع لأكثر من دورتين متتاليتين، على أن يحدد الحزب مدة الدورة في نظامه الأساسي، على ألا تزيد مدة الدورة عن أربع سنوات. وبالإضافة للطرق التقليدية لعقد مؤتمرات الحزب واجتماعاته، تضمن القانون مواد تسمح للحزب بعقد اجتماعات قيادته ولجانه عبر الوسائل الإلكترونية، وله أيضا إجراء عمليات التصويت على أي من القرارات بهذه الوسائل.
وأكد القانون حق الأحزاب في تشكيل تحالف بهدف خوض الانتخابات النيابية أو غيرها من الانتخابات. ونص على أن الحزب الناتج عن عملية الاندماج يتمتع بالشخصية الاعتبارية، ويعد الخلف القانوني للأحزاب المندمجة، وتؤول إليه جميع الحقوق العائدة لها، بما فيها مقاعدها في مجلس النواب، ويتحمل الحزب الجديد الالتزامات المترتبة على الأحزاب المنحلة حكما.