اردنيات

إحقاق للرزاز: ليس هناك مبالغة في التوقيف الإداري..بل هناك انتهاك لحقوق الإنسان

أخبار الأردن-نبراس نيوز- أقر رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بوجود مبالغة في اجراءات التوقيف الاداري، مشيراً الى أنها تحتاج لمراجعة صارمة، ‏وأكد تحت القبة مجلس الأمة يوم الاحد (5/1/2020) بقوله: “نحن جاهزون للقاء حول الموضوع لبحث التجاوزات والتخفيف ‏من هذه الحالات”.‏
إن مركز إحقاق للدراسات القانونية ومن خلال هذه الدراسة يبيّن أن موضوع التوقيف الإداري لا يقف عند حد التجاوزات أو ‏المبالغة في هذا التوقيف، بل إن الموضوع يتعدى ذلك إلى حد إنتهاك حقوق الإنسان وإنتهاك العهود والمواثيق الدولية والمبادئ ‏الدستورية، الأمر الذي يستوجب إلغاء هذا النوع من التوقيف وإلغاء قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954.‏
هذا وقد أكد المركز الوطني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي للسنة 2018 أن مجموع الموقوفين إدارياً قد إزداد في سنة ‏‏2018 ليصل إلى (37693) سجين في مراكز التوقيف، وقد جرى توقيف معظم هؤلاء بعد تنفيذهم مدة العقوبة التي حُكموا بها ‏من قِبل المحاكم، أو بعد إخلاء سبيلهم من قِبل المراجع القضائية (المدعي العام أو المحكمة)، أي أن التوقيف الإداري في هذه ‏الحالات هو عبارة عن عقوبة لفعل واحد تنفذ بحق الأشخاص للمرة الثانية، في حين أن قانون العقوبات يقضي في المادة (58) ‏بأنه لا يلاحق الفعل الواحد إلا مرة واحدة.‏

كما أكد التقرير السنوي للمركز الوطني لحقوق الإنسان أن الموقوفين إدارياً والموقوفين قضائياً يتم حبسهم في مراكز توقيف ‏أوليّة (مرحلة التحقيق الأولي) تنتهك فيها ضمانات المحاكمة العادلة حيث لا يُسمح للموقوف الاتصال بالعالم الخارجي، ويُمنع ‏زيارته من قِبل ذويه، ويُمنع من الاتصال بأسرته لإعلامهم بمكان وجوده، ولا يُسمح له بالاستعانة بمحامي، ويتم تجاوز مدة ‏التوقيف المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية البالغة 24 ساعة، حيث يتم الاستمرار في حبسهم سنداً لقانون ‏منع الجرائم، ويتم حجزهم في بعض الدوائر الأمنية خصوصاً إدارة البحث الجنائي، وإدارة مكافحة المخدرات والتزييف، كما يتم ‏منعهم من السفر بقرار من إدارة الأمن العام، وليس بقرار قضائي، كما أن مباني مراكز التوقيف هذه متهالكة، وتنبعث الروائح ‏الكريهة من بعضها بسبب عدم التهوية وسوء الإضاءة.‏
إن توقيف الأشخاص في مراكز التوقيف المعدّة لهذه الغاية هو تدبير استثنائي بحسب العهود والمواثيق الدولية الخاصة بحماية ‏حقوق الإنسان والتشريعات المحلية التي تلتزم بهذه الحقوق، وهذا التدبير خاص بالسلطة القضائية لا السلطة التنفيذية كما هو ‏حال قانون منع الجرائم الذي يعطي الصلاحية لموظف حكومي بإصدار أمر التوقيف لمدة لا تتجاوز السنة، ولا يكون هذا ‏التوقيف مشروعاً إلا إذا كان صادراً عن هيئة قضائية وأن يكون هو الوسيلة الوحيدة للمحافظة على أدلة الإثبات أو المعالم ‏المادية للجريمة أو للحيلولة دون ممارسة الإكراه على الشهود أو على المجني عليهم أو لمنع المشتكى عليه من إجراء أي اتصال ‏بشركائه في الجريمة أو المتدخلين فيها أو المحرّضين عليها أو أن يكون الغرض من التوقيف حماية المشتكى عليه نفسه أو ‏وضع حد لمفعول الجريمة أو الرغبة في اتقاء تجددها أو منع المشتكى عليه من الفرار أو تجنيب النظام العام أي خلل ناجم عن ‏الجريمة، ويجب أن يكون هذا التوقيف لمدة محدودة.‏

إن منح الصلاحية للمحافظ وهو موظف حكومي بموجب قانون منع الجرائم بإصدار أمر التوقيف الاداري لحين تقديم تعهّد أو ‏كفالة عدلية أو مالية ولمدة تصل إلى السنة، هو أمر يخالف المبدأ الدستوري القاضي بالفصل أو بإستقلال السلطات، فصلاحية ‏توقيف الأشخاص هي صلاحية للسلطة القضائية وتُمنح لهيئة قضائية، ويعتبر منحها لهيئة حكومية أو موظف حكومي خرقاً ‏لحقوق الإنسان الأساسية، والعهود والمواثيق الدولية ذات الصلة.‏
هذا وقد أوصى مجلس حقوق الإنسان السلطات الأردنية في إطار الاستعراض الدوري الثالث الشامل بتاريخ 3/10/2018 ‏بضرورة إلغاء قانون منع الجرائم، أو إعادة النظر في هذا التدبير لضمان وصول المساعدة القانونية للموقوف الاداري.‏

هذا وقد دافعت الحكومة الاردنية أمام مجلس حقوق الانسان ‏عن حقّها في تدبير التوقيف الاداري الذي يُنشئه قانون منع الجرائم ‏بقولها:‏
‏” – إن التوقيف الإداري مقتصر على ذوي الأسبقيات الجرمية والذين هم معروفون لدى الأجهزة ‏الأمنية ويشكل وجودهم طلقاء ‏خطراً على أمن الأفراد والجماعات والممتلكات العامة ‏والخاصة، ويتم الإحتجاز الإداري بموجب قانون منع الجرائم والذي ‏يضمن خضوع المحتجز ‏لإجراءات عادلة تتفق مع المعايير المعتمدة لضمان حقوق الإنسان من حيث التحقيق ‏وسماع الشهود ‏وحضور المحامين والسماح للمتضرر من الطعن بالقرارات الإدارية لدى محكمة ‏الإدارية، كما لا يُجيز القانون للحاكم الإداري ‏سجن الشخص الماثل أمامه إلا إذا عجز ‏عن تقديم التعهّد الذي يلتزم فيه بالمحافظة على الأمن أو الامتناع عن القيام بأفعال ‏من ‏شأنها أن تكدر صفو النظام العامة.‏
‏- يتم الاحتجاز الاداري بموجب قانون منع الجرائم والذي يضمن خضوع المحتجز لإجراءات ‏عادلة تتفق مع المعايير المعتمدة ‏لضمان حقوق الإنسان من حيث التحقيق وسماع الشهود ‏وحضور المحامين والسماح للمتضرر من الطعن بالقرارات الإدارية لدى ‏المحكمة الإدارية.‏
‏- وحيث أن الإجراءات وتدابير الاحتجاز الإداري هي إجراءات وقائية تستهدف حماية ‏النظام العام من الاعتداء عليه أو انتهاكه ‏بما في ذلك في حال توقّع الجريمة لمنع وقوعها، وهو ‏قرار إداري يخضع لرقابة القضاء الإداري إلغاءً وتعويضاً دون تقييده ‏بمهل التقاضي، فإن هذه ‏الاجراءات تخضع بشكل مستمر للمراجعة والتقييم لضمان توافقها مع معايير حقوق ‏الانسان ورفع ‏الوعي لدى القائمين على تنفيذها، وتسهيل الحصول على المساعدة القانونية ‏للمحتجزين، ومن أجل ذلك وقّعت مديرية الأمن العام ‏مذكرة تفاهم مع نقابة المحامين ‏لتسهيل مرافعة المحامين أمام الحاكم الإداري فيما يتعلق بقضايا الأشخاص المعرضين ‏للاحتجاز ‏الإداري”.‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى